حملة شارلكان الكبرى و انكساره أمام الجزائر...قصة الجزائر المحروسة أو المحمية بالله
![]() |
الجزائر المحروسة أو المحمية بالله...
تعود هذه التسمية إلى حملة الملك الإسباني كارلوس
الخامس المعروف بشارلكان، أحد أعظم ملوك أوروبا في القرن السادس عشر، حين جمع
أسطولا ضخما لغزو مدينة الجزائرسنة 1541 تحت قيادة القائد البحري الإيطالي "أندريا دوريا"، شارك فيه كل من نبلاء
إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، و فرسان مالطا.
![]() |
أصر البابا يوحنا الثالث على إرسال حفيده
"كولونا" مع الجيش الإسباني، كما أمد الحملة بعون أدبي كبير، إذ نشر في
البلاد الأوروبية كلها أمرا بابويا يعلن فيه أن هذه الحملة إنما هي حملة صليبية، و
أن واجب كل مؤمن بالمسيح، مخلص للنصرانية، أن ينضم إليها، و أن يشارك في محاربة
الكافرين.
تحرك الأسطول الضخم من مرسى "ماهون" يوم 18 أكتوبر سنة 1541 و حل قبالة الساحل
الجزائري على الساعة السابعة صباحا من يوم 20 أكتوبر، وأخذ يتجول أمام مدينة الجزائر متباهيا
بقوته و عظمته، و بدأ بإنزال الجنود إلى البر يوم 23 أكتوبر عند مطلع الفجر.
في هذه الأثناء جمع حاكم الجزائر "محمد حسن آغا
الطوشي" كل ما لديه من القوى، و قرر مع أركان حربه، التحصن في المدينة
يراقبون حركات العدو و سكناته، بينما تكون قوى الشعب خارج أسوار المدينة بقيادة
"الحاج بشير" قد قامت حوله بحركات التفاف متوالية، لا تترك للإسبان وقتا
للراحة و النوم، ثم الخروج و الانقضاض على العدو بعد إنهاكه.
![]() |
دامت المعركة 12 يوما، و رغم تفوق الجيش الصليبي من حيث العدة و العدد، إلا أن الجزائريين
حققوا انتصارات عظيمة بالعزيمة و الشجاعة و قوة الإيمان، قبل أن يظهر عامل جديد مكنهم من
تنفيذ خطتهم على أكمل وجه.
ففي ليلة 24 من أكتوبر، أنزل الله من السماء مطرا
مدرارا على أرض المعركة و حواليها، عطلت تقدم العدو، وأتلفت بعض أسلحته خصوصا
البارود الذي أصبح غير قابل للاستعمال بسبب البلل، بينما هبت ريح عاتية من الشمال
الغربي، فتعالت الأمواج و تشابكت، و دفعت بقطع الأسطول إلى الساحل، فكانت سفن
النقل ترتطم ببعضها البعض و تتحطم على الساحل، أما السفن الحربية الأمتن فقد ناورت
و ابتعدت عن مركز خطر العاصفة، لكن الخطر الأساسي كان بداخلها، إذ كان أصحاب
المجاديف على متنها من الأسرى المسلمين، الذين ما إن هبت العاصفة ورأووا تدهور
حالة الجيش الإسباني و انكساراته المتوالية أمام المجاهدين الجزائريين، حتى تركوا
التجديف و اندفعوا في أغلالهم يفتحون لأنفسهم طريق النجاة، فكانت النتيجة ارتطام
16 سفينة حربية و تحطمها على الساحل الجزائري لفقد الجدافين، بينما تمكن المجاهدون
الجزائريون من إنقاذ 1400 أسير مسلم، أنزلوهم بالجزائر على الرحب و السعة.
بعد هذه الكارثة التي حلت بالجيش الصليبي، قرر الملك الانسحاب
مكسورا مذلولا من مدينة الجزائر بعد خسارة شملت : 200 سفينة، 200 مدفع و كل العدد
و الأسلحة و الذخيرة و الادوات، و 12000 رجل بين قتيل و غريق و أسير، أما الغنائم
التي غنمها الجزائريون فلا يكاد يحصيها عدد.
بينما استشهد من المسلمين 200 مجاهد.
و ما كاد الإمبراطور ينجو بنفسه إلى مركبه إلآ بعدما
اقتحم الشدائد و كابد العناء، فالتحق أولا ببجاية ثم غادرها إلى إسبانيا.
و في هذه الوقعة نزع الإمبراطور التاج عن رأسه وألقاه
في البحر، و قال: "من أراد أن يضع التاج على رأسه فليتقدم إلى الجزائر و
يأخذها".
يقول الشيخ حسين بن رجب شاوش:" و بقيت الجزائر
كالعروس، تختال في حليها و حللها، من رخاء الاسعار، و أمن الأقطار، و لم يبق لهم
عدو يخافون منه، و شاعت هذه القضية في مشارق الأرض و مغاربها، و بقي رعب المسلمين
في أعداء الدين مدة من الزمن، بأمن الملك العلام.
...و خلف اللعين لأهل الجزائر ما ملأ أيديهم غناءا، و
كسبت من ذلك اموالا طائلة، و فرج الله على أوليائه المسلمين."
تعليقات
إرسال تعليق